إن المؤمنين خاصة لا ينفك عنهم البلاء أبدًا, وأنه يزيد بزيادة الإيمان, ويخف برقة الإيمان, تعالت حكمة الرحمن .
قال عليه الصلاة والسلام: يُبتلى الرجل على حسب دينه, فإن كان في دينه صُلبًا اشتدّ بلاؤه, وإن كان في دينه رقَّةٌ ابتلي على قدر دينه . [حديث حسن: رواه أحمد, والترمذي, والنسائي]
ولما كانت المصائب والأمراض علامة على قوة الإيمان, وإشارة إلى سلامة الجنان, امتنع نبي الله -عليه الصلاة والسلام- من نكاح امرأةٍ عُرِضَتْ عليه, وأدرك أن في دينها رقّةً إذ لم يُصِبْها مرضٌ قط, بل إنها لم تُصدع !
عن أنس -رضي الله عنه-: أن امرأة أتت النبي -عليه الصلاة والسلام-, فقالت: يارسول الله, ابنةٌ لي كذا وكذا... فذكرت من حُسنها وجمالها, فآثرتُكَ بها, فقال "قد قبلتُها", فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تُصدع, ولم تَشْتَكِ شيئًا قط, فقال -عليه الصلاة والسلام- "لا حاجة لي في ابنتك" [إسناده حسن, أخرجه أحمد(3/155), وأبو يعلى(7/232)]
وقد روي عن خالد بن الوليد أنه طلق امرأته ولم يكن بها من عيبٍ سوى أنها لم مرض !. اهـ عن [أعز ما يُقرأ -من فرائد النكت والفوائد, وغرائب القصص والطرائف- لخالد بن علي العَنبري. طـ مكتبة آل ياسر] وهو كُتَيِّب فريد .
فسبحان الله, فإن آخر أثرين من أعجب ما مررت عليهم, ولكن العجب يزول شيئًا فشيئًا للنظر لعظيم حكمة الله من الابتلاءات وأسرارها في عباد الله الصالحين وأن الصحابة ومن بعدهم كان الأمر عليه إجماعٌ بينهم أن من لم يُبتلى فهو في أمرٍ مريب!, إذ قد صح عن بعضهم أنه إذا مرّ عليه عام ولم يُبتلى انزعجَ ازعاجًا شديدًا!; ليس حُبّا في الابتلاء, فنحن مُطالبون بأن نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة, ولكن لاطّلاعهم على أسرار الله في هذه الابتلاءات, وأنها سنّة لازمة لعباد الله الصالحين بنص حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- " يُبتلى الرجل على قدر دينه..." الحديث كما أسلف الذكر .
من أجل ذلك جعل الله على الصبر -صِنْو الابتلاء- من الجزاء ما يطمع فيه كل حريصٍ على الخير, وجعله طريق الفلاح في الدنيا والآخرة: فقال سبحانه " يا آيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون ", وجعله الطريق لمحبته: فقال سبحانه " والله يحب الصابرين ", ومعيته: فقال سبحانه " إن الله مع الصابرين ", ومضاعفة الأجر: فقال سبحانه " إنما يُوَفّى الصابرون أجرهم بغير حساب "... وغيره الكثير !
فنسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين.. وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى.. ويجعلنا عند البلاء من الصابرين المحتسبين
والحمد لله رب العالمين
..
التوقيع
:: القراءة المنتجة باستخراج الفوائد المثمرة :: متجدد بإذن الله.
=====
قال الله -سبحانه وبحمده- " أليس اللهُ بكافٍ عَبْدَه "
قال العلامة السعدي: فكلما كان العبدُ أقومُ بحقوقِ العبودية كانت كفاية الله له أكمل وأتمّ,
وما نقصَ منها نَقَصَ من الكفاية بــحـسـبــه!.
=====
قال الله –جل ذكره- " ولا تكونوا كالذين نَسُوا اللهَ فأنْسَاهُم أنْفُسَهُم "
قال ابن القيم –رحمه الله- : فتأمَّل هذه الآية تجد تحتها معنىً شريفًا عظيمًا, وهو: أن من نسي ربه أنساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقتَهُ ولا مصالِحَهُ, بل نسي ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده
اللهم اعطنا اجر وثواب الصابرين .اللهم اقذف في قلوبنا رجاؤك حتى لا نرجو احدا سواك اللهم اااااااااااااااااااااامين